المواد البحثية

للحفاظ على النهج الشمولي للمشروع، من الضروري أن نبني عملنا على عدد كبير جدا من العناصر، تغطي نطاقا زمنيا وجغرافيا واسعا.

يعتمد مدى وتكوين الجسم المدروس بشكل طبيعي على مستوى حفظ المواد العضوية في كل من المواقع، والذي يختلف اختلافا كبيرا حسب المناطق المناخية والمواد المستخدمة وظروف الدفن والوقت. في الواقع، تعتبر النوبة منطقة شديدة الجفاف مع مستويات هيدرومترية مستقرة نسبيا عبر التاريخ، في حين أن وسط السودان مر بمراحل أكثر رطوبة ذات مواسم مطرية مشهودة. لذلك ليس من المستغرب ملاحظة عدم التوازن الجغرافي الواضح بين المجموعتين، والذي أكدته عقود من البحث الأثري المكثف في النصف الشمالي من البلاد مقابل الاستثمارات المنخفضة نسبيا في المناطق الجنوبية والمناطق المحيطة بها حتى فترة الثمانينات والتسعينات. هناك أيضا زيادة مثيرة في عدد الملابس المحفوظة مع تقدمنا عبر الزمن: يعود تاريخ الكتلة الكبيرة من عينات النسيج والجلود إلى القرنين الأول والخامس عشر من عصرنا هذا، مع وثائق نادرة على ما يبدو عن الفترات السابقة.

يرجع هذا الوضع إلى العديد من الظواهر، منها ضعف الحفاظ على البقايا العضوية، وقلة المقابر التي تم استكشافها في فترات كرمة والاحتلال المصري ووجودها في مناطق أكثر رطوبة، أو عدم وجود وثائق مفصلة عنها. يمكن أيضا أن تكون ممارسات الدفن المختلفة التي تنطوي على تجريد الجسم من الملابس و/أو لفه بها، أو ممارسات الملبس المختلفة مجتمعة. سيقوم المشروع بحصر كامل للمواد المحفوظة لكل موقع ولكل فترة، وإعادة تقييم انتشار إستخدام الملابس والأغطية الرقيقة في ممارسات الدفن، والكشف عن القطع الأثرية والإيماءات الجنائزية التي لم يلاحظها أحد. ومن خلال توفير إطار واسع وسليم، سيؤدي هذا الجرد العالمي للمواد إلى تحديد مجموعة المواد ذات الصلة الخاصة بكل فترة زمنية ومنطقة.

كشفت الأبحاث السابقة والمسح الأولي عن مواد من أكثر من 70 موقعا، تمثل أكثر من 2000 قطعة أثرية. كما تستمر المناقشات الجارية مع المؤسسات الشريكة وعلماء الآثار لتسليط الضوء على المزيد من العينات. حتى الآن، تم اختيار مواد من 15 موقعا رئيسيا، مما يعني دراسة المنسوجات الأثرية والملابس الجلدية في 9 متاحف دولية وفرق تنقيب، في السودان ومصر وأوروبا وأمريكا الشمالية. وقد أولي اهتمام خاص لأهمية ضمان تغطية زمنية وجغرافية شاملة بأكبر قدر تسمح به المحفوظات.

وقد أخذت المعايير التالية في الاعتبار: (أ) المواقع الواقعة في كل من وسط السودان والنوبة؛ (ب) المواقع التي يرجع تاريخها إلى فترات غير مدروسة، ولا سيما من فترة نبتة (حوالي 1000-350 قبل الميلاد)، والتي تمثل "فجوة" مؤسفة في التسلسل الزمني المادي؛ (ج) المواقع التي تواجدت بين قرون عديدة؛ (د) التجمعات التي تشير إلى ديناميكيات ثقافية مثيرة للاهتمام، مثل تلك التي تحدث خلال الفترات الانتقالية أو في المناطق الحدودية.